بسم الله الرحمن الرحيم ..
ستون عاماً ما بكم خجل
إن سار أهلي فالدهرُ يتّبع ** يشهدُ أحوالهم ويستمعُ
يأخذ عنهم فن البقاء فقد ** زادوا عليه الكثير وابتدعوا
وكلما همّ أن يقول لهم ** بأنهم مهزومون ما اقتنعوا
يسيرُ إن ساروا في مظاهرةٍ ** في الخلف فيه الفضول والجزعُ
يكتب في دفتر طريقتهم ** لعله بالدروس ينتفعُ
لو صادف الجمعُ الجيشَ يقصده ** فإنه نحو الجيش يندفعُ
فيرجع الجند خطوتين فقط ** ولكن القصد أنهم رجعوا
أرضٌ أُعيدت ولو لثانيةٍ ** والقوم عزلٌ والجيش مدّرع
ويصبح الغازُ فوقهم قطعاً ** أو السما فوقه هي القطعُ
وتُطلب الريح وهي نادرةٌ ** ليست بماءٍ لكنها جرعُ
ثم تراهم من تحتها انتشروا ** كزئبقٍ في الدخان يلتمعُ
لكي يضلوا الرصاص بينهمو ** تكاد منه السقوف تنخلعُ
حتى تجلّت عنهم وأوجههم ** زهر ووجه الزمان منتقعُ
كأن شمساً أعطت لهم عِدَةً ** أن يطلع الصبح حيثما طلعوا
تعرف أسمائهم بأعينهم ** تنكروا باللثام أو خلعوا
ودار مقلاع الطفل في يده ** دورة صوفي مسّه ولعُ
يعلمُ الدهر أن يدور على** من ظن أن القوي يمتنعُ
وكل طفل في كفه حجرٌ** ملخّص فيه السهل واليفعُ
جبالهم في الأيدي مفرقةٌ ** وأمرهم في الجبال مجتمعُ
يأتون من كل قريةٍ زُمراً ** إلى طريقٍ لله ترتفعُ
تضيق بالناس الطرق إن ** كثرواوهذه بالزحام تتسعُ
إذا رأوها أمامهم فرحوا ** ولم يبالوا بأنها وجعُ
يبدون للموت أنه عبثٌ ** حتى لقد كاد الموت ينخدعُ
يقول للقوم وهو معتذرٌ** مابيدي ماآتي وماأدعُ
يضل مستغفراً كذي ورعٍ** ولم يكن من صفاته الورعُ
لو كان للموت أمره لغدت **على سوانا طيوره تقعُ
أعدائنا خوفهم لهم مددٌ ** لو لم يخافوا الأقوام لانقطعوا
فخوفهم دينهم وديدنهم ** عليه من قبل يولدوا طُبعوا
قُل للعدا بعد كل معركةٍ ** جنودكم بالسلاح ماصنعوا
لقد عرفنا الغزاة قبلكمو** ونُشهد الله فيكم البدعُ
ستون عاماً ومابكم خجــلٌ ** الموت فينا وفيكم الفزعُ
أخزاكم الله في الغزاة فما ** رأى الورى مثلكم ولاسمعوا
حين الشعوب انتقت أعاديها ** لم نشهد القرعة التي اقترعوا
لستم بأكفائنا لنكرهكم ** وفي عَداء الوضيع مايضعُ
لم نلقى من قبلكم وإن كثروا ** قوماً غزاةً إذا غزوا هلعوا
ونحن من هاهنا قد اختلفت ** قِدْماً علينا الأقوام والشيعُ
سيروا بها وانظروا مساجدها ** أعمامها أو أخوالها البِيَعُ
قومي ترى الطير في منازلهم ** تسير بالشرعة التي شرعوا
لم تُنبت الأرض القوم بل نبتت ** منهم بما شيّدوا ومازرعوا
كأنهم من غيومها انهمروا ** كأنهم من كهوفها نبعوا
والدهر لو سار القوم يتبع ** يشهد أحوالهم ويستمعُ
يأخد عنهم فن البقاء فقد ** زادوا عليه الكثير وابتدعوا
وكلما همّ أن يقول لهم ** بأنهم مهزومون مااقتنعوا
<< إحدى روائع الشاعر الفلسطيني تميم البرغوثي >>
ستون عاماً ما بكم خجل
إن سار أهلي فالدهرُ يتّبع ** يشهدُ أحوالهم ويستمعُ
يأخذ عنهم فن البقاء فقد ** زادوا عليه الكثير وابتدعوا
وكلما همّ أن يقول لهم ** بأنهم مهزومون ما اقتنعوا
يسيرُ إن ساروا في مظاهرةٍ ** في الخلف فيه الفضول والجزعُ
يكتب في دفتر طريقتهم ** لعله بالدروس ينتفعُ
لو صادف الجمعُ الجيشَ يقصده ** فإنه نحو الجيش يندفعُ
فيرجع الجند خطوتين فقط ** ولكن القصد أنهم رجعوا
أرضٌ أُعيدت ولو لثانيةٍ ** والقوم عزلٌ والجيش مدّرع
ويصبح الغازُ فوقهم قطعاً ** أو السما فوقه هي القطعُ
وتُطلب الريح وهي نادرةٌ ** ليست بماءٍ لكنها جرعُ
ثم تراهم من تحتها انتشروا ** كزئبقٍ في الدخان يلتمعُ
لكي يضلوا الرصاص بينهمو ** تكاد منه السقوف تنخلعُ
حتى تجلّت عنهم وأوجههم ** زهر ووجه الزمان منتقعُ
كأن شمساً أعطت لهم عِدَةً ** أن يطلع الصبح حيثما طلعوا
تعرف أسمائهم بأعينهم ** تنكروا باللثام أو خلعوا
ودار مقلاع الطفل في يده ** دورة صوفي مسّه ولعُ
يعلمُ الدهر أن يدور على** من ظن أن القوي يمتنعُ
وكل طفل في كفه حجرٌ** ملخّص فيه السهل واليفعُ
جبالهم في الأيدي مفرقةٌ ** وأمرهم في الجبال مجتمعُ
يأتون من كل قريةٍ زُمراً ** إلى طريقٍ لله ترتفعُ
تضيق بالناس الطرق إن ** كثرواوهذه بالزحام تتسعُ
إذا رأوها أمامهم فرحوا ** ولم يبالوا بأنها وجعُ
يبدون للموت أنه عبثٌ ** حتى لقد كاد الموت ينخدعُ
يقول للقوم وهو معتذرٌ** مابيدي ماآتي وماأدعُ
يضل مستغفراً كذي ورعٍ** ولم يكن من صفاته الورعُ
لو كان للموت أمره لغدت **على سوانا طيوره تقعُ
أعدائنا خوفهم لهم مددٌ ** لو لم يخافوا الأقوام لانقطعوا
فخوفهم دينهم وديدنهم ** عليه من قبل يولدوا طُبعوا
قُل للعدا بعد كل معركةٍ ** جنودكم بالسلاح ماصنعوا
لقد عرفنا الغزاة قبلكمو** ونُشهد الله فيكم البدعُ
ستون عاماً ومابكم خجــلٌ ** الموت فينا وفيكم الفزعُ
أخزاكم الله في الغزاة فما ** رأى الورى مثلكم ولاسمعوا
حين الشعوب انتقت أعاديها ** لم نشهد القرعة التي اقترعوا
لستم بأكفائنا لنكرهكم ** وفي عَداء الوضيع مايضعُ
لم نلقى من قبلكم وإن كثروا ** قوماً غزاةً إذا غزوا هلعوا
ونحن من هاهنا قد اختلفت ** قِدْماً علينا الأقوام والشيعُ
سيروا بها وانظروا مساجدها ** أعمامها أو أخوالها البِيَعُ
قومي ترى الطير في منازلهم ** تسير بالشرعة التي شرعوا
لم تُنبت الأرض القوم بل نبتت ** منهم بما شيّدوا ومازرعوا
كأنهم من غيومها انهمروا ** كأنهم من كهوفها نبعوا
والدهر لو سار القوم يتبع ** يشهد أحوالهم ويستمعُ
يأخد عنهم فن البقاء فقد ** زادوا عليه الكثير وابتدعوا
وكلما همّ أن يقول لهم ** بأنهم مهزومون مااقتنعوا
<< إحدى روائع الشاعر الفلسطيني تميم البرغوثي >>