الموجــــــــــــــــــات فوق السمعية
يقصد بهذه الموجات تلك الموجات الصوتية التي تقع خارج مدي قدرة الإنسان علي السمع، والتي يبدأ ترددها من 20 ألف ذبذبة في الثانية، وحيث أن مدي السمع للإنسان يتراوح ما بين 20 إلي 20 ألف ذبذبة في الثانية فإن الأذن البشرية يتعذر عليها سماع تلك الموجات لذا لقبت بالموجات فوق السمعية Ultra Sonic Waves ومن الخطأ الشائع تسميتها بالموجات فوق الصوتية لأن فوق الصوتيات هو علم يدرس الأجسام المتحركة بسرعات أعلي من سرعة الصوت، وتسري هذه الموجات في الأوساط المادية بسرعة الصوت ولها جميع خصائص الموجات من انعكاس Reflection وانكسار Refraction .
يتوقف تردد الموجات الفوق سمعية وطولها الموجي علي أبعاد المصدر المتذبذب نفسه، فعلي سبيل المثال عند اهتزاز العمود الهوائي المفتوح الطرفين بتردده الأساسي، فإن الطول الموجي للموجة الناتجة يساوي ضعف طول العمود، حيث يتناسب الطول الموجي لتلك الموجات طردياًً مع طول العمود الهوائي، وبالتالي يزداد التردد قلما صغرت أبعاد الجسم المهتز، وبالتالي يمكن الحصول علي ترددات فوق سمعية باستخدام شوكة رنانة يبلغ طول كل من فرعيها بضعة ملليمترات، إلا أن هذه الوسائل لا تعطي موجات ذات شدة عالية تصلح لاستخدامها في الدراسات الفيزيائية لخواص الموجات أو في التطبيقات العلمية لها، وتتوقف التطبيقات المستخدمة لإنتاج مثل هذه الموجات بشدات مناسبة علي إحدى الظاهرتين الآتيتين:
أولاً:- ظاهرة الضغطية الكهربيةPiezo Electric effect
تمتاز بعض البلورات ومن أهمها الكوارتز بخاصية طبيعية، إذا وقعت شريحة منها تحت ضغط خارجي شحن أحد وجهيها بشحنة كهربية والوجه الأخر بشحنة كهربية معاكسة، وإذا مطت تلك الشريحة انعكست تلك الشحنات، وهذه الخاصية خاصية عكسية، بمعني إذا شحن وجهي الشريحة بشحنتين كهربيتين متضادتين انضغطت أو تمددت، وبتلك الطريقة نستطيع الحصول علي تتابعات من الانضغاطات والتمددات بتتابع تغير نوع الشحنة علي كل من الوجهين.
فعندما نقطع شريحة من الكوارتز بسمك وأبعاد تعطي تردداً أساسياً لها يقع ضمن منطقة الترددات الفوق سمعية، ثم قمنا بتغطية كل من سطحيها الخارجي بغلالة معدنية وأوصلنا السطحين ضمن دائرة رنين الكترونية متذبذبة بحيث يتساوي تردد رنينها تردد شريحة الكوارتز، ولدي تشغيل الدائرة وحدوث الرنين الالكتروني لها يتتابع شحن وانعكاس الشحنات حول الكوارتز بنفس تردد الدائرة وتردد الشريحة، فإن الشريحة تتجاوب علي الفور وتحدث لها تضاغطات وتمددات تؤدي بدورها إلي حدوث تخلخلات وتضاغطات في الوسط المحيط وتعطي ترددأ فوق سمعي يساوي ترددها الطبيعي.
ثانياً: ظاهرة الضبطية المغناطيسيةMagneto Strictive effect
ثمة ظاهرة مغناطيسية مثيرة للاهتمام، فلدي مغنطة قضيباً من مادة قابلة للمغنطة نلاحظ استطالة في طوله ويقصر بإزالة المغنطة عنه، وبتلك الطريقة نستطيع توليد موجات فوق سمعية، فإذا تم اختيار قضيب من مادة قابلة للمغنطة بأبعاد مناسبة تعطي تردداً طبيعياً له يقع في منطقة الموجات فوق السمعية، ثم قمنا بلف هذا القضيب بملف وأوصلناه بدائرة رنين كهربي لها تردد يساوي التردد الطبيعي للقضيب، فإنه عندما تتذبذب الدائرة الكهربية تتابع مغنطة القضيب وإزالة المغنطة بنفس التردد المختار، مما يعطي موجات فوق سمعية لها نفس التردد الطبيعي للقضيب، وتحدث الانكماشات والاستطالات في القضيب تخلخلات وتضاغطات في الوسط المحيط تنتشر علي هيئة موجات فوق سمعية.
التطبيقات العملية للموجات فوق السمعيةapplications of Ultrasonic waves
تتوقف التطبيقات العملية للموجات فوق السمعية علي خاصيتين هامتين لتلك الموجات تجعلها أفضل من الموجات الصوتية المسموعة في تلك التطبيقات، وهما:
1- انتشار الموجات فوق السمعية في حزم ضيقة محدودة يجعل بالإمكان توجيهها في اتجاهات محددة، وترجع تلك الخاصية إلي قصر الطول الموجي لها، فلا يظهر لها أثر ملموس لحيودها عند أطراف الفتحات أو العوائق التي تقابلها، فمساحة سطحي بلورة الكوارتز أو مقطع القضيب المغناطيسي ( مساحة السطح المشع للموجات السمعية ) كبير جداً بالنسبة لطول الموجات المنبعثة، وعلي ذلك تنبعث الموجات الفوق سمعية علي شكل حزم محدودة القطر.
2- تتركز طاقة الموجات فوق السمعية في الحزم الضيقة وبذلك تكون شدتها عالية الأمر الذي لا يتوفر فى الموجات المسموعة، كما أن علو ترددها يزيد من شدتها، وبذلك تنقسم التطبيقات طبقاً إلي هاتين الخاصيتين إلي:
تطبيقات مبنية علي خاصية التوجيهapplication based on direction
تقدير أعماق البحار:
إذا أرسلنا إشارة فوق سمعية داخل مياه البحر نحو قاعه تسير هذه الإشارة في طريقها حتى تقابل سطح عاكس كأن تصطدم بقاع البحر أو أي جسم صلب في طريقها، تنعكس هذه الإشارة مرتدة مرة أخري إلي المصدر، وتستقبل الإشارة المنعكسة بمستقبل خاص، وبحساب الزمن بين إرسال الإشارة واستقبالها يمكن معرفة عمق مياه البحر أو أي عائق موجود بالمياه وذلك بمعلومية سرعة تلك الموجات داخل تلك المياه، وتستخدم تلك الطريقة في الكشف عن أسراب السمك التي تتحرك في أفواج مثل السردين والرنجة، وفي تلك الحالة تصل المستقبل إشارتين، الأولي منعكسة من علي فوج السمك والثانية منعكسة من علي قاع البحر، وبذلك يمكن تحديد مكان فوج السمك.
كما تستخدم هذه الخاصية الطبية في التصوير التليفزيوني للأحشاء الداخلية لجسم الإنسان فيما يعرف بالأشعة التليفزيونية والتي تستخدم علي نطاق واسع وشهير في تصوير الأجنة أثناء نموها في الرحم.
تطبيقات مبينة علي تركيز شدة تلك الموجاتapplication based on intensity
· فحص لحام المعادن والمسبوكات:
تستخدم الموجات فوق السمعية في الكشف عن الأخطاء في لحام المعادن أو عدم انتظام في المسبوكات كوجود فقاعات هوائية، وذلك بوضع مصدر الموجات السمعية ملاصقاً لسطح المعدن المراد فحصه وتستقبل الحزمة المارة أو النافذة من المعدن من الناحية الأخرى المقابلة، فإذا ظهر عدم انتظام في امتصاص الموجات السمعية ( انخفاض كبير في شدة الموجة النافذة )، دل ذلك علي وجود فقاعات هوائية في طريق الحزمة وبذلك يمكن الكشف عن الصدوع الداخلية في المعدن,
· عندما تمر حزمة من الموجات فوق السمعية في وسط تحدث به تخلخلات وتخلخلات علي درجة كبيرة من العنف في هذا الوسط وينشأ عن ذلك اهتزازات سريعة عنيفة في الوسط هي في الواقع الأساس للتطبيقات المختلفة لفوق السمعيات سواء في الكيمياء أو في التأثير علي الكائنات الحية أو التدليك الطبي وتفتيت حصوات الحالب والكلي.
لدي مرور الموجات الفوق سمعية في سائل فإن السائل يعاني من تمزق نتيجة الاهتزازات العنيفة السريعة التي يتعرض لها، مما يؤدي إلي تكون فقاعات ميكروسكوبية عديدة مملؤة بأبخرة السائل والغازات المذابة فيه وتسمي هذه الظاهرة بالتكهيف Cavitation ، لا تلبث هذه الفقاعات أن تنهار محدثة ضغطاً هائلاً في السائل يصل إلي عدة الآلاف قيمة الضغط الجوي فإذا كان السائل يحتوي علي كائنات حية دقيقة مثل الفيرس أو البكتريا، عمل هذا الضغط الهائل علي تحطيمها، وكذلك يظهر لتأثير انهيار فقاعات التكهيف في تفكيك الجزيئات العضوية الضخمة، كما أن هذه الظاهرة مفيدة جداً في عمل المستحلبات المستخدمة في التحضيرات الطبية والكيميائية، وتستخدم هذه الموجات فوق السمعية أيضاً في التدليك بإمرار مصدر الموجات الفوق سمعية علي الجلد فتتولد اهتزازات سريعة يكون تأثيرها أفضل من التدليك اليدوي المعتاد.